الأمثال الشعبية في وادي سوف
إن أمثالنا الشعبية غنية بالمفاهيم التي تصور الجوانب المختلفة لأطوار التي مر بها الشعب الجزائري و ميدانا خصبا يمثل التقاليد و العادات و الذاكرة الصحيحة و المتحف الحي لمظاهر الحضارة ,و العدسة التي تسلط الأضواء لتكشف الجوانب الأخلاقية و النفسية و الاجتماعية و السياسية للمجتمع .
تعتبر الأمثال أجمل صورة من صور التعبير العفوي في التراث السوفي تتداول لدى الجميع المثقف و الأمي , الشاب و الشيخ , فلا تحتاج إلى وقت و مكان معينين او جلساء مخصصين ,و كثيرا ما كان الأمي في المجتمع السوفي أكثر مهارة في استعمال المثل حين تأتي مناسابته مدعما به أقواله مؤثرا به على السامعين فكما يقال " بالأمثال يتضح المقال " .ولذلك يكفي لجامع الأمثال بوادي سوف أن يتصنت للجلسات بالأحياء الشعبية فيرى تدفقا استدلاليا حكيما كبيرا أحيانا بالأمثال و أحيانا بالشعر الشعبي , فكم من مرة يحتدم الصراع بين المتحدثين , تكون فيه الغلبة لمن كان أحذق إستعمالا للأمثال و الحكم فيكسب إحترام السامعين فيصبح رأيهم من رأيه.
خصائص الأمثال الشعبية بوادي سوف :
عندما نتحدث عن الأمثال بوادي سوف فلا يعني ذلك أن كل الأمثال هي من النتاج الفكري الأصلي للمنطقة بل حديثنا عما تتداوله الألسن . فمن الأمثال ما كان مولده بها و منها ما تناولته الأفواه و إعتادته المسامع في وادي سوف و الجزائر و الدول المجاورة .
وبنظرة فاحصة للأمثال المتداولة بوادي سوف سنجد من خصائصها ما يأتي :
1-جزء هام من الأمثال هي أمثال حكمية مستلهمة من القرآن الكريم و السنة النبوية و دواوين الحكمة و الكتب التي تلخص تجارب الأقدمين و تهدف إلى التوجيه وتقويم الإعوجاج .
مثل :المؤمن مصاب , إخدم الخير تنال العجائب , ما تدوم غمّة على أمّة , إذا كان الكذب ينجي الصدق أنجى و أنجى ...إلخ
وعندما بتأمل المثل القائل " اللّي فيه نقة ماتتقّى" ندرك الذكاء الخارق للرجل السوفي الذي لخص المغزي العام لبيت الشاعر زهير أبي سلمى القائل ومها تكن عند إمرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم
2-أمثال مبنية على أحداث و قصص وقعت لهم و لذلك تكون وليدة المنطقة و خاصة بها مثل :
- الطويلة مانرقاها و القصيرة فيها الشوك .
- هاي ْ مكحلتي و خوذي حوري .
- ما سرقولي برنوسي نحِّوه من أكتافي نحّانْ.
3- أمثال رمزية : وهي التي تأخذ من الحيوان رمزا للتحرّر من القيود السياسية و الاجتماعية أحيانا, وعليه نجد الكثير من الأمثال ناطقة باسم الحيوان و خاصة الذئب :
-الذيب قال المكتوب و إمعاه تنقيزه .
- غيب ياقط ألعب يافار .
-خنفوسة تلهيني ولا غزال يشقيني .
-الطير قال وكري وكري .
-الجمل هاز القراد يكت .
4- أمثال تضمنت أسماء لمدن تونسية: نظرا للتعامل الكبير وفي شتي المجالات بين أهل سوف و الجنوب التونسي خاصة فقد ظهرت العديد من أسماء المدن التونسية في الأمثال الشعبية ذات الأصل السوفي مثل :
-افعشي ياقصة حتى يجيك الزيت من فقصة .
-الثوب جريدي و العشاء كريدي .
-السواك ما جابوشي حتى القفاصه.
-بات ليله في نفزاوه تلحّف شرقي.