قصة بداية (مفتاح المورس cw)
مبرقة صمويل مورس الأولى قام باختراعها في عام 1837م، وهي تتكون من مغنطيس كهربائي يتسبب في طبع علامات رأسية على شكل الرقم 7 على ورقة.
استُخدم هذا النظام استخدامًا عامًا في عام 1837م. ومرسل هذا النظام مفتاح لاستكمال الدائرة الكهربائية مما يسمح بمرور التيار الكهربائي إلى وحدة خاصة بالمستقبِل.وعندما يمر التيار الكهربائي يعمل المغنطيس الكهربي الناتج عن مرور هذا التيار، على جذب قضيب حديدي يسمى الحافظة، وهذه الحافظة تطرق المغنطيس الكهربائي، ويحدث لذلك صوت للشفرة المستخدمة من النقط والشرط، وهو ما يعرف بشفرة مورس. ويتصل بالحافظة مؤشر يعمل على كتابة الشفرة من النقط والحروف على شريط ورقي، وذلك لعمل نسخة من البرقية التي يتم إرسالها. وعندما يتم تحرير مفتاح المبرقة من الطبيعي ألا يمر التيار الكهربائي نتيجة لأن الدائرة الكهربائية تكون مفتوحة، الأمر الذي يؤدي إلى فقد الطاقة المغنطيسية من المغنطيس الكهربائي، ويعمل الياي (الزنبرك) على جذب الحافظة إلى المكان الابتدائي. ولقد تمكن مورس من تطوير النظام بتركيب مرسل يعمل على زيادة المدى الذي تنتقل إليه البرقيات بهذا النظام، وكان ذلك عام 1840م.
في عام 1843م تقاضى مورس ثلاثين ألف دولار أمريكي من أجل إنشاء خط برقي من واشنطن إلى بالتيمور ومريلاند بالولايات المتحدة الأمريكية. وفي مايو عام 1844م عندما أقيم حفل في بالتيمور لعضو الحزب الأمريكي المناوئ للحزب الديمقراطي، والذي كان مرشحًا لتولي الزعامة، كان خط البرق على مسافة 24كم من بالتيمور، وتم نقل كل أخبار حفل ترشيح السيناتور هنري كلاي أولاً بأول بوساطة هذا الخط إلى واشنطن، وبعد ذلك بحوالي ساعة ونصف الساعة وصل القطار إلى واشنطن قادمًا من بالتيمور ومعه الأخبار المؤكدة لكل ما تم نقله عبر خط البرق. وعمومًا كان كلاي سعيد الحظ، وفاز بترشيح الحزب، وحتى عندما وصلت أخبار ترشيح نائب الرئيس زعيم الحزب قبل وصول القطار إلى واشنطن كان المتشككون في صحة هذه الأنباء المنقولة بالبرق قد تأكدوا من صحتها. تمكن مورس في الرابع والعشرين من شهر مايو عام 1844م من تركيب أول جهاز إرسال في قاعة الكابيتول بالمحكمة العليا ثم قام بإرسال أول برقية.
التوسع الأولي. كان نظام مورس للبرق في الولايات المتحدة الأمريكية ناجحًا لعدة أسباب، منها البساطة في الاستخدام، بالإضافة إلى قلة التكاليف. ولكن بحلول عام 1851م أصبح عدد شركات البرق بالولايات المتحدة الأمريكية يزيد على خمسين شركة، وكان يتم التحكم في أعمال البرق لكل هذه الشركات بوساطة شركة البرق المغنطيسي، وهي التي كان لها حق استخدام اختراع مورس، ثم ظهرت الحاجة إلى وجود خواص مغنطيسية معينة من أجل بناء نظام من الخطوط تربط كل المسارات الرئيسية التجارية للبرق في جميع أنحاء البلد، وتم الإعلان عن ذلك بين كل الشركاء، وتم اختيار أفضل الحلول المتاحة في ذلك الوقت، ولكن كان معدل العمل بطيئًا، وكانت الأجهزة المستخدمة لا تلقى اهتمامًا، وكانت المواد المستخدمة غير ملائمة، الأمر الذي أدى إلى إفلاس عدد كبير من الشركات كنتيجة حتمية لهذه المشكلات، بالإضافة إلى قلة الدخل. وبصورة عامة لم يعمل نظام البرق، ولم تكن معظم البرقيات تصل إلى أصحابها.
البرق والسكك الحديدية. وعلى الرغم من هذه الصعوبات فلقد وجدت بعض المهن والأعمال أن البرق يفيدها إفادة كبيرة، ومن هذه الأعمال الصحف وأيضًا سماسرة البورصة، حيث كانوا يستخدمون البرق لسرعة نقل المعلومات، ولكن كان الشريك الدائم للبرق السكك الحديدية.
كانت شركة وسترن يونيون للبرق أول شركة تستفيد من العقد المبرم مع السكك الحديدية حيث وافقت السكك الحديدية بموجب هذا العقد على تركيب خطوط البرق على التوازي مع خطوط القطارات، وبالإضافة إلى ذلك وافقت السكك الحديدية على فتح مكاتب للبرق يعمل بها موظفو البرق وعماله. ومنحت تعريفة مجانية للسفر للرجال القائمين على إصلاح خطوط البرق. وفي المقابل وافقت شركة وسترن يونيون على نقل جميع برقيات السكك الحديدية مجانًا دون مقابل، بالإضافة إلى جعل الأسبقية لجميع هذه البرقيات، وخاصة ما يتعلق منها بمواعيد حركة القطارات.
ولقد ساعد البرق على تنظيم حركة القطارات، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع درجة الأمان. وأصبحت حركة القطارات أكثر سرعة عن ذي قبل بفضل استخدام توقيت واحد للحركة، بالإضافة إلى إمكانية تحديد موقع أي قطار بدقة. ولهذا يمكن النظر إلى البرق على أنه جعل من السكك الحديدية شبكة دولية ذات كفاءة عالية وأعطت السكك الحديدية حق احتكار عملية تأمين المسارات للقطارات إلى شركة البرق.
وسترن يونيون. في خمسينيات القرن التاسع عشر أفسحت المنافسة بين شركات البرق طريقها للاندماج المثمر بينها للاتجاه غربًا. وتمت إعادة إنشاء خطوط البرق وتجديدها، وبحلول ستينيات القرن التاسع عشر أصبح لكل مدينة كبيرة مكتب برق مركزي. ومع بداية الحرب الأهلية الأمريكية في عام 1861م كان لدى الولايات المتحدة الأمريكية شركتان كبيرتان للبرق هما شركة وسترن يونيون وكانت خطوطها تمتد بين الشرق والغرب، وشركة البرق الأمريكي وكانت خطوطها تمتد بين الشمال والجنوب. ولقد دمرت الحرب الأمريكية خطوط البرق الأمريكية بين الشمال والجنوب مما أدى إلى زيادة أهمية خطوط الشرق والغرب الخاصة بشركة وسترن يونيون التي تربط حقوق الموالين للدولة بالاتحاد. وقامت شركة وسترن يونيون بعد الحرب بإزاحة كل المنافسين الآخرين من الساحة، وبذلك أصبحت شركة وسترن يونيون أول شركة أمريكية تحتكر نظام البرق وأكبر اتحاد قومي في هذا المجال وأصبحت من أكثر الشركات نجاحًا في مجال البرق.
وسترن يونيون عبر الأطلسي. بحلول عام 1861م كان وسترن يونيون قد قام بمد شبكة كبيرة للبرق. وأصبحت هناك شبكة عبر الأطلسي مع حلول عام 1866م. وتم استخدام سفينة اسمها جريت إيسترن ـ أكبر السفن في تلك الأيام ـ في مد الكبل بطول 3,200كم. وكان رجل الأعمال الأمريكي سيرس فيلد ومساعدوه البريطانيون والأمريكيون مسؤولين عن هذا النجاح. أما عالم الطبيعة البريطاني لورد كلفين فقد قدم كل النصائح العلمية والتقنية من أجل هذا العمل. انظر: الكبل.
أسرع وأفضل خدمة. ساعد التقدم في البرق على زيادة سعة الخط الفردي، وكذلك سرعة نقل الرسائل وتبادلها. بدأ العمل بالنظام المزدوج بالولايات المتحدة الأمريكية في عام 1872م. وهذا النظام يتيح إمكانية إرسال رسالتين على خط واحد في نفس الوقت عن طريق إرسال رسالة في كل اتجاه، وبعد ذلك بعامين تمكن المخترع الأمريكي توماس أديسون من تطوير نظام رباعي يستطيع التعامل مع أربع إشارات في آن واحد، وتمكن العالم الفرنسي إميل بودو من تطوير نظام إرسال متعدد (متقابل) يستطيع التعامل مع خمس إشارات في المرة الواحدة، ثم بدأت شركة وسترن يونيون في عام 1915م في استخدام نظام قادر على دمج ثماني إشارات في آن واحد.
تم تطوير الوسائل والمعدات التي يتم استخدامها في شكل مطبوع بدلاً من إشارة مورس، في أواخر القرن التاسع عشر. وفي بداية القرن العشرين، وفي الوقت نفسه بدأ استخدام وسائل إرسال واستقبال الرسائل بوساطة الشرائط المثقبة، وهذه الوسائل تم استخدامها في نظم الإرسال المتعدد المتقابل. وفي العشرينيات من القرن العشرين تم استخدام الطابعات عن بعد (تلبرينتر) التي بإمكانها إرسال نبضات كهربائية مباشرة عبر خطوط البرق إلى مبرقة أخرى على الطرف الآخر من الخط. وفي عام 1925م بدأ استخدام التلفوتوغراف (جهاز التصوير عن بعد) والفاكسميلي في الولايات المتحدة، ويستطيع هذان النظامان إرسال البرقيات واستقبالها على هيئة صورة. وفي الثلاثينيات من القرن العشرين استُخدم التلكس ومقسم الكاتبات البعدية اللذان يتم بهما ربط خدمة الطابعة عن بعد (تلبرينتر) باستخدام القرص المدرج الدايل.
تأثيرات الإرسال البرقي. مع بداية القرن التاسع عشر دخلت نظم الإدارة الحديثة مجال الأعمال شريكًا مع الأسلاك والسكك الحديدية، حيث إنه مع زيادة سرعة الاتصالات البرقية أصبح في الإمكان زيادة عدد الوحدات العاملة وكذلك زيادة بعدها عن مقر القيادة (الرئاسة). لقد ساعد نظام البرق نتيجة لقلة التكاليف، بالإضافة إلى الإمكانات الهائلة في إمكان الإشراف على الوحدات العاملة باستخدام هذه الوسائل، الأمر الذي أدى إلى تغيّر شكل الأعمال وهياكلها، وبدأت نظم كبيرة تحِلُّ محلّ نظم صغيرة منفصلة. وساعد اتحاد البرق والسكك الحديدية على ذلك أيضًا بتنظيم التعامل مع الولايات المتحدة كأنها سوق قومية واحدة، وأصبحت المعلومات عن البضائع والتخفيضات تنتقل في سهولة وسرعة بين المنتج والعملاء.
ساعد البرق على نقل الأنباء الصحفية. وفي عام 1846م عندما أعلنت الولايات المتحدة الحرب على المكسيك كانت وسائل الاتصال باستخدام أسرع بريد حكومي تستغرق سبعة أيام، لذلك تكونت وكالة أنباء نيويورك، تلك الخدمة الإخبارية التي أصبحت بعد ذلك وكالة أنباء دولية كانت تستخدم البرق في جمع الأنباء وترسلها إلى الصحف الأخرى.
واعتقد المناصرون الأصليون للعالم الأمريكي ألكسندر جراهام بل في أن الهاتف الذي اخترعه عام 1876م هو مبرقة متحدثة تستطيع منافسة احتكارات وسترن يونيون حتى إن الإذاعة التي اختُرعت عام 1896م بوساطة العالم الإيطالي ماركوني كانت تسمى حينذاك البرق اللاسلكي. وكان توزيع أخبار البرق من مركز الخدمات الرئيسي إلى كل الصحف هو النموذج الأصلي لشبكات الإذاعة القومية للراديو والتلفاز، ومعظم الاتصالات قصيرة المدى كانت تتم بوساطة الهاتف، في حين ظلت الاتصالات قصيرة المدى للأعمال التجارية تجُرى بوساطة البرق.
وحينما أصبحت خدمة الهاتف للمسافات البعيدة في متناول الأفراد، تم الاستغناء عن أعمال البرق لحد كبير، واستُبدل بالبرق اليوم تقريبًا معدات اتصال أخرى مثل الحواسيب والأقمار الصناعية للاتصالات. وهذه المعدات أسرع من البرق، ولها القدرة على التعامل مع أنواع كثيرة من المعلومات، على النحو الذي يتضح من شبكة الانترنت التي تمكن أشخاصًا ومؤسسات في أماكن مختلفة من الاتصال بعضهم ببعض في نفس الوقت.