المحبة شرط لكمال المسلم

لقد كان الناس في الجاهلية متنافرين فجاء الإسلام ووحد بينهم وألّف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمة الله إخوانا وأحب المسلم أخاه المسلم آثره على نفسه في كثير من الأحيان لأنه لا يحبه إلا لله وما نراه اليوم من واقع المسلمين وعلاقاتهم يتنافى مع ما جاء به الشرع القويم وفي هذا المجال يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ : رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (لا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ ).
يخاطب الرسول (ص) المؤمنين في هذا الحديث قائلا لهم بأنهم لن يتمكنوا من دخول الجنّة إلا إذا تحابّوا وكانوا اخوة وأذاعوا بينهم السلام ، وهذا التحابب يقتضي أن يتعاونوا في السّراء والضّراء والقيام بالحاجة عند السؤال، والسكوت عن ذكر عيوبه في غيبته حضرته والتودّد إليه بلسانه ويتفقد أحواله ويعفو عن زلاّته وهفواته والدعاء له في حياته وبعد مماته بكل ما يحبه لنفسه ولأهله، والوفاء والإخلاص أي الثبات على حبه وإدامته إلى الموت ، وبعد الموت مع أولاده وأصدقائه والتواضع له وإن ارتفع شأنك واتسعت ولايتك وعظم جاهكن وأن يخفف عنه ولا يكلفه ما يشق عليه .
ويشترط في هذا الحب أن يكون خالصاً لوجه الله تعالى ولا يكون مبنيا على مصلحة آنية من مصالح الدنيا فإن هذه الأخوة تكون سببا لدخول الجنّة فقد قال عليه السلام : " من آخى أخاً في الله رفعه الله درجةً في الجنّة لا ينالها بشيء من عمله" وقال معاذ (ض) : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ينصب لطائفة من الناس كراسيّ حول العرش يوم القيامة وجوههم كالقمر ليلة البدر يفزع الناس ولا يفزعون و يخاف النّاس ولا يخافون وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" فقيل من هؤلاء يا رسول الله؟ فقال : " هم المتحابّون في الله تعالى".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " إنّ حول العرش منابر من نور عليها قوم لباسهم نور ووجوههم نور ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النّبيّون والشّهداء " فقالوا يا رسول الله صفهم لنا فقال: "هم المتحابّون في الله والمتجالسون في الله والمتزاورون في الله "
وفي حديث قدسي: قال صلى الله عليه وسلم:" إن الله تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابّون بجلالي اليوم أظلّهم في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي "…