تطورات الثورة واللجنة الملكية
فوجئت الزعامات التقليدية بموجة الإضرابات التي اجتاحت فلسطين، كما فوجئت حين رافق الإضراب الكفاح المسلح، فقد كانت الثورة من صنع الفئات الشعبية، ومع ذلك نجحت القيادة التقليدية التي توحدت في الهيئة العربية العليا في تسلم زمام القيادة السياسية والقيادة العسكرية بدرجة أقل.
وقد بلغ عدد القوات البريطانية في فلسطين عشرين ألفا حسب الإحصاءات الرسمية، وخمسة وعشرين ألفا حسب تقدير الكتاب العرب، وقد تعاونت مع هذه القوة قوات البوليس العادي والبوليس الإضافي الذي تم تجنيده من بين صفوف الهاجاناه، ومع ذلك لم تستطع هذه القوة القضاء على الثورة المسلحة مع أنها قتلت حوالي ثلاثة آلاف شهيد، وقد فرضت بريطانيا الأحكام العرفية في 30/9/1936م، فانتشرت الغرامات الجماعية ومهاجمة القرى وضربها بالرصاص ونسف البيوت في ذلك الوقت.
التضامن العربي
شارك المتطوعون العرب من سوريا والعراق في ثورة 1936م، كما اهتمت الدول العربية بالخلاف الناشب في فلسطين، فقد زار نوري السعيد وزير خارجية العراق فلسطين والتقى بقيادة الحركة القومية والمندوب السامي البريطاني، وحقق اتفاقا بين هذه القيادة وبين الإدارة البريطانية ينص على وقف الإضراب أولا، على أن توقف الحكومة البريطانية الهجرة اليهودية مؤقتا إلى أن تضع اللجنة الملكية تقريرها، وتقوم الدول العربية الثلاثة ( العراق والسعودية واليمن ) وإمارة شرق الأردن بالسعي لدي بريطانيا لإنجاز مطالب فلسطين، وأن تتم عملية تصفية الثورة مقابل إلغاء الغرامات ووقف عمليات التفتيش، وقد تدخلت هذه الدول بعد أن استنجد بها أصحاب البيارات لإنقاذ موسم البرتقال بوقف الإضراب، وقد أيدتهم البورجوازية التجارية في مطلبهم لأنها أصيبت بالأضرار، ونشط الملوك بإيعاز من بريطانيا لأن الثورة أحرجت بريطانيا سياسيا وعسكريا في فترة احتدام الصراع مع النازية والفاشية.
وقد ثارت القيادة الصهيونية ضد مقترحات نوري السعيد، مما جعل وزير المستعمرات البريطاني يرسل رسالة إلى حاييم وايزمن يؤكد له فيها أن المندوب السامي لم يفوض نوري السعيد لأن يعد بالخطوات التي ستلي وقف الإضراب، وقد أدى ذلك إلى إخفاق التسوية واشتداد الثورة وإجراءات القمع ضدها، ولكن الهيئة العربية العليا طلبت من جماهير فلسطين الالتزام بالهدوء بناء على طلب ملك العراق وملك السعودية وأمير شرق الأردن.