من أبنائنا من يستجيب لأوامر والديه مقابل تشجيعه بشيء مادي أو معنوي، وآخر يستجيب هيبة أو رهبة، وهنـــاك من يسعد بقضاء حاجات الوالدين لا رغبة في الظفر بغاية ولا رهبة من نزول عقاب ولكن استجابة لنداء الفطرة السليمة التي جبل عليها الإنسان .وهناك صنف آخر لايليق ذكره في مثل هذا المقام.
عليك عزيزي القارئ أن تتبين هذه الحقائق فإذا أدركت حقيقتها تكشفت لك حقيقة أخرى ذات علاقة وطيدة بهذه الفئات .إنها علاقة الإنسان بربه .كيف ذلك ؟
أرى المؤمنين جميعا ضمن واحدة من مجموعات ثلاثة هي:
1 ـ مؤمن يعبد الله خوفا من ناره
2ـ مؤمن يعبد الله طمعا في جنته
3ـ مؤمن يعبد الله لذاته لاخوفا من ناره ولا طمعا في جنته .وأين مثل هذا؟ فما أقلهم
والحقيقة التي لامراء فيها أن الصنفين 1و2 في عبادتهما لله نوع من شرك الأغراض .فكأني أرى عبادة الخائف إنما قد أوجدتها النار ولولا خلق النار ما عبدوا خالقها فكأنهم عمال أكرهوا على عمل يؤدنه بعيدا عن لذة الرغبة ومتعة البحث عن الذات في ذلك العمل ولو أدركوا انعدام العقاب لنكصُوا على أعقابهم كما تبين من كلام خدم سيدنا سليمان عليه السلام
أما الطامع فأراه يكثر من الطاعات ويرهق نفسه وهو يمني نفسه بعظيم العطاء من خالق الأرض والسماء الحافز في أعماله مضاعفة الأجر بحثا عن الحور وأعلى القصور في الجنة . ولوأن الله لم يخلق الجنة ويرغب فيها أمثاله من الطامعين ما عبده
أما الصنف الثالث فقد عرف الله حقا فعرفه الله حقيقة العبادة ومتعة طاعة المخلوق وإذلاله وخضوعه وخنُوعه لخالقه لقد عرف ربه بربه فأميطت عن بصيرته الحجب وتكشفت له حقيقة المعبود فهام في حبه يعمل ابتغاء مرضاته متعة الحياة عنده الاستغراق في الفناء في الله ومع الله ذهل عن نفسه وعمن حوله فلا يرى في المخلوقات إلا دلائل قدرة الله ، تساوت عنده الأضداد لأنها من مصدر واحد فالخير ابتلاء والشر ابتلاء أنهم يتلذذون بالمصائب تلذذنا بالمطايب .
أيها الإنسان الغافل عن ربك انظر في نفسك وتدبر تر عظمة ربك فكم من الحقائق التي تكشفت للعيان وكانت من الأزل في طي النسيان ولما وقفنا على مشارفها اذهلتناقدرة الصانع ونسينا خالق الصانع
أملي أن يجد القارئ مجالا لدغدغة معارفه ولتقديم النقد البناء الذي أسعد حقا بقراءته ما دام مرآة أرى فيها حياتي.
( أبو شوقي )