المؤلفة في سطور
طبعا تعتبر أغاثا كريستي Agatha Christie أعظم مؤلفة في التاريخ من حيث انتشار كتبها
وعدد مابيع منها من نسخ وهي -بلا جدال- أشهر من كتب قصص الجريمة في القرن العشرين وفي سائر
العصور.
وقد ترجمت رواياتها إلى معظم اللغات الحية، وقارب عدد ماطبع منها بليوني(ألفي مليون) نسخة!
ولدت أغاثا كريستي Agatha Christie في بلدة توركي بجنوب إنكلترا عام 1890، وتوفيت عام 1976 وعمرها
نحو خمسة وثمانين عاما.
لم تذهب أغاثا قط إلى المدرسة ، بل تلقت تعليمها في البيت على يد أمها التي دفعتها إلى الكتابة وشجعتها عليها في وقت مبكر
من حياتها، كما تخبرنا هي نفسها فحينما كانت نزيلة فراشها تتعافى من مرض ألمّ بها سألتها أمها :لماذا لا تكتبين قصة ؟
أجابت فورا:لا أظن أنني قادرة على ذلك. عندئذ كتبت أغاثا أول رواية لها وعنوانها"ثلوج على الصحراء"
وهي رواية رفضها الناشرون فلم تنشر قط. أما الرواية الثانية "القضية الغامضة في ستايلز"( التي ظهر فيها بوارو للمرة الأولى ) فقد أدخلتها إلى عالم الكتابة الرحيب،
وذلك حين نشرت -أخيرا- بعدما رفضها ستة من الناشرين!
عاشت أغاثا طفولة سعيدة ، إذ كانت صغرى ثلاثة أولاد لأب مرح محب للحياة وأم ذكية وطموحة ، وقد ظلت-حتى آخر حياتها-تذكر بيتها الذي ولدت ونشأت فيه بكثير من الشوق والحنين.
ولكن هذه السعادة لم تدم فقد توفي والدها وهي في الحادية عشرة مخلفا لأسرته مشكلات مادية لم تلبث أن أدخلت أغاثا
في عالم المسؤولية في ظروف صعبة .
وحينما قامت الحرب العالمية الأولى تطوعت أغاثا للعمل في أحد المستشفيات ممرضة تساعد جرحى الحرب.
وفي هذا المستشفى عملت بتحضير الأدوية وتركيبها وتعرفت إلى السموم المختلفة ، وهو الأمر الذي كانت له فائدة عظيمة في كتابتها اللاحقة عن الجرائم .
وفي تلك الفترة في عام 1914، تزوجت طيّار شابا اسمه آرشيبالد كريستي ، ولكنها انفصلت عنه عام 1928 بعد موت
والدتها بقليل. ولم تلبث أن تزوجت -مرة أخرى- عام 1930 عالم الآثار الشهير السير ماكس مالوان، وهو الذي أمضت برفقته سنوات من عمرها في المشرق ( في العراق وسوريا ومصر ) فجاءت أحداث عدد من رواياتها لتقع في هذه البلاد،
مثل:"موت فوق النيل"و "لقاء في بغداد" و"جريمة في بلاد الرافدين". وحينما سافرت على متن قطار الشرق السريع خرجت بواحدة من أشهر رواياتها"جريمة في قطار الشرق ".
تحدثت أغاثا كريستي عن نفسها فقالت :"لو سئلت عن ميولي لأجبت بأنني أحب كل طعام جيد، وأكره الكحول وكل مايدخل في صنعه الكحول. حاولت التدخين فوجدته بغيضا ولم أجد مايغريني يالتعلق به، أحب الأزهار ، وأعشق البحر ، وأهوى السفر ولا سيما في بلدان الشرق الأدنى . أحب المسرح وأكره الأفلام الناطقة إذ أعجز عن متابعتها، وأكره الإذاعة وضوضاءها،وأبغض المدن وازدحامها"
أما قصصها فتتميز بدقة حبكتها وترابط أحداثها ومنطقية تسلسلها ، تغور في أعماق النفوس البشرية محللة كوامنها باحثة عن دوافعا بعبقرية فذة وبصيرة نافذة . وهي قصص"نظيفة" بريئة من إثارة المشاعر والغرائز وليس فيها مايخجل أو يسوء.
وقد حرصت على أن تقول لنا فيها دائما "لا بد أن ينتصر الخير والجريمة لا تفيد"
أشهر أبطالها هيركيول بوارو والآنسة ماربل . أما بوارو فقد ولد عام 1920 في " القضية الغامضة في ستايلز"
وهي أول رواية نشرت لها، ثم استمر بالظهور في روايات لاحقة لمدة خمسة وخمسين سنة حتى قتل أخيرا عام 1975
في روايتها" الستارة". وهو محقق بلجيكي وشرطي متقاعد أهم مايميزه ذكاؤه الخارق( الناتج عن"الخلايا الرمادية الصغيرة "
في دماغه!) وشارباه العظيمان اللذان ليس لهما مثيل في الدنيا! وغالبا ما يرافقه في تحقيقاته صاحبه الشهير ، الضابط المتقاعد ، الكابتن هيستنغز،الذي يتميز بطبيعته الطيبة وذكائه المتواضع وحبه الكبير لبوارو.
وأما الآنسة ماربل فهي عانس عجوز ذات ذكاء بالغ وإدراك عجيب، وتتمتع بقدرة فذة على الملاحظة والتحليل وفهم عميق
للنفس البشرية بحيث تكشف أسرار الجرائم مستفيدة من شبكة واسعة من الأصدقاء والمعارف والعلاقات الاجتماعية الناجحة .
كتبت أغاثا كريستي من روايات وقصص الجريمة سبعا وستين رواية طويلة وعشرات من القصص القصيرة التي نشرت
في ثلاث عشرة مجموعة ، وبذلك يكون عدد ما نشر لها من الأعمال البوليسية ثمانين كتابا. كما كتبت ست روايات طويلة رومانسية باسم مستعار هو" ماري ويستماكوت"،وست عشرة مسرحية أشهرها"مصيدة فئران" التي تعتبر أطول المسرحيات عرضا في التاريخ إذ مازالت تعرض في لندن( دون انقطاع تقريبا) منذ عام 1952 أي لأكثر من نصف قرن!
أما سيرة حياتها التي كتبتها قبيل وفاتها فقد نشرت بعد موتها بعام واحد، وسوف نقدم ترجمتها إلى قرائنا( مع كتاب ذكرياتها
الآخر " تعالي أخبريني كيف تعيشين" الذي نشرته عام 1946 وسردت فيه ذكرياتها عن رحلاتها مع زوجها )،
حيث ستكون هذه هي المرة الأولى التي يترجم فيها هذان الكتابان إلى اللغة العربية .