- معنى الحوار لغةً واصطلاحا:
الحِوَار لغةً؛ مشتق من الحَوْر، وهو الرجوع، فالحوار هو: مراجعة الكلام، والمحاورة: المجاوبة والتحاور والتجاوب.
والحوار اصطلاحاً؛ الحوار في اصطلاح علماء اللغة والتفسير معانٍ كثيرة وإن استوت في الإجمال، على سياق واحد."حاوره محاورة وحواراً". فالمحاورة هي المجاوبة، أو مراجعة النطق والكلام في المخاطبة والتحاور والتجاوب، لذلك كان لا بد في الحوار من وجود طرفين متكلِّم ومخاطب يتبادلان الدور في أجواء هادئة بعيدة عن العنف والتعصب فحيناً يكون المتكلم مرسلاً للكلام وحيناً متلقياً له، أي يكون المتكلم مخاطباً حين يصمت ليسمع كلام نظيره، وهكذا يدور الكلام بين طرفين في إطار حلقة تبادلية يكشف كل منهما عما لديه من أفكار، فيتشكَّل جرّاء ذلك ما يمكن أن نسميه بالخطاب المشترك الذي تولده القضية المتحاوَر فيها.
2 - الحوار الأسري:
هو التفاعل بين أفراد الأسرة الواحدة عن طريق المناقشة، والحديث عن كل ما يتعلق بشؤون الأسرة من أهداف ومقومات وعقبات و يتم وضع حلول لها، وذلك بتبادل الأفكار والآراء الجماعية حول محاور عدة، مما يؤدي إلى خلق الألفة والتواصل.
3- ثقافة الحوار الأسري:
أما ثقافة الحوار فهي أسلوب الحياة السائد في مجتمع الأسرة و المعضد للحوار، و يشتمل على قيمَه الروحية والفكرية، وقيمها السلوكية والذوقية والخلقية وعاداتها، واتجاهاتها و ما يترتب عليه من إنصات وتقبل واحترام للأطراف المتحاورة.
4 - أهمية الحوار الأسري:
1. يعد الحوار الأسري أساس للعلاقات الأسرية الحميمة البعيدة عن التفرق والتقاطع.
2. يساعد على نشأة الأبناء نشأة سوية صالحة بعيدة عن الانحراف الخلقي والسلوكي.
3. يخلق التفاعل بين الطفل وأبويه مما يساعدهما إلى دخول عالم الطفل الخاص، ومعرفة احتياجاته فيسهل التعامل معه.
4. يجعل من الأسرة كالشجرة الصالحة التي تثمر ثماراً صالحة طيبة، وهي السلوى لهذه الحياة.
5. تعد الأسرة المصدر الأول لمعرفة الطفل، والمصب الرئيسي لفهمه الحياة، لذلك الحوار الأسري يجعله فرد معتز بنفسه واثق من نفسه.
6. يتعلم كل فرد في الأسرة أهمية احترام الرأي الآخر، فيسهل تعامله مع الآخرين.
7. يعزز الثقة في أفراد الأسرة مما يجعلهم أكثر قدرة على تحقيق طموحاتهم وآمالهم.
5- ضوابط الحوار الأسري:
وللحوار ضوابط تجعله حوارا ايجابيا و بناء منها:
1. تقبل الأخر؛ ومعنى ذلك قبول الأخر والاعتراف بحقه، وأن يحافظ الحوار على ضرورة تقبل الاختلاف في الآراء، وذلك بالتشاور والتأني بالحكم.
2. حسن القبول؛ وهو أن ينهج المتحاورون في كلامهم منهجا من الهدوء والكلمة الطيبة التي تهدف إلى حل مشكلات الأسرة المتعلقة بجميع الجوانب الإنسانية والعاطفية والاقتصادية.
3. أن يكون حواراً مبنياً على الاحترام المتبادل بين الأطراف التي تبدي آراءها وأفكارها.
4. أيضاً من الضروري أن تتوفر الثقة بين أطراف الحوار في الأسرة.
5. تعلم فن الإصغاء والاستماع من قبل المتلقي -المستمع- وذلك بالنظر إلى تعبير وجه المتحدث وعينه.
6. تجنب إتباع أسلوب الاستهزاء في حوار كل طرف مع الآخر سواء الأزواج مع بعض أو الآباء مع الأبناء.
6 - أنواع الحوارات:
أ- الحوار الايجابي:
وهو حوار يساعد على دعم الروابط بين الزوجين وينمي لغة التفاهم مع الأبناء يتطلب مهارة في التعبير ومهارة في الإنصات، فهناك ثلاثة أمور تميز الأسرة الأكثر حوار واندماج وهي: تبادل رسائل واضحة ومباشرة، والاستماع الفعال، والتعبير اللفظي، ويكون ذلك بأحد الطرق التالية:
1. الحوار النقاشي: إما مواجهة أو مكتوب، وهو من أكثر الأساليب التي يتم من خلالها الحوار بين طرفين خصوصاً في الأمور التي تنحى منحى الجدية أكثر، وقد تختصر مراحل كثيرة في التفاهم بين الطرفين، وكثير من الأسر لم تتعود هذا النوع من الحوار الزوجي مع أهميته وتأثيره الكبير في الحياة الزوجية، فالأولى من الزوجين عدم غلق هذا النوع من أنواع الحوار بل يجب طرح أي موضوع خصوصا فيما يتعلق بحياتهما كزوجين وبما يتعلق بأمور أبنائهم ليتم الحوار فيه والاتفاق حوله.. ولكن إذا كان الطرف الآخر لا يحب أو لا يجيد الحوار عبر الكلمات فإن الحوار ألنقاشي يتم عن طريق الكتابة، حتى لا نجعل من هؤلاء الذين لا يحبون المواجهة ذريعة للهروب من الحوار والتعبير عن رأيه، ولا يقتصر هذا النوع من الحوار على هذه الفئة، بل هو نوع آخر من أنواع الحوار فقد يجد الإنسان مجالاً أكبر في التعبير عبر الكتابة خصوصاً في بداية الحياة الزوجية فقد يصعب على أحد الطرفين أو كلاهما عرض بعض الأمور مباشرة والتحدث حولها. المهم أن يخرج أفراد الأسرة وكل منهم قد فهم وجهة نظر الآخر ببساطة وبفهم واضح.
2. الحوار العابر: وهو من أكثر أنواع الحوارات الشائعة في داخل الأسرة سواء بين الزوجين أو مع الأبناء، وممارسة هذا الحوار عادة يكون تلقائي وبدون الشعور إنه حوار، كالتعليق على حدث ما، أو شرح لموضوع معين، فمثل هذه المداخلات تسبب مدخل جيد ومناسب للحوار.
3. الحوار عن طريق العيون: في كثير من الأحيان نجد العيون وسيلة من الوسائل التي تعبر عن كثير من الكلام فقد يفهم الإنسان من خلال حواره من شخص آخر من عينيه أكثر مما يفهمه من كلامه، فنظرات الإنسان وحركاته هي جزء من حواره مع أي طرف.
4. الحوار الشاعري الايجابي: ليس شرطاً أن يكون الحوار الأسري للمسائل الخلافية فقط أو للاتفاق حول أمر ما، فقد يكون هناك حوار يتبادل فيه الزوجان المشاعر العاطفية وأحاسيس كل طرف اتجاه الطرف الآخر، وهناك حوار شاعري وإطراء ايجابي على سلوكيات الأبناء فهذا من شأنه أن يزيد الألفة والمحبة بين الأسرة ويقوي روابط الحب بينهم. فتستخدم المشاعر الإيجابية في إيقاف دائرة الخلاف الأسري بحيث تحرك المشاعر من الجانب السالب إلى جانب أقل سلبية (مشاعر محايدة).
5. حوار مرآة الآخر: وهو من الأنواع الهامة ويعني وضع الذات في مكان الشخص الآخر، ويرتبط ذلك إيجابيًّا بالرضا عن العلاقة، والعكس صحيح، فينتج عن ذلك أن يعدل أفراد الأسرة سلوكهم في المواقف الاجتماعية المختلفة كنتيجة لفهم وجهة نظر الآخر، فالأسرة القادرة على وضع وجهة نظر الآخر في الاعتبار يظهرون اهتماماً أكبر بحاجات واهتمامات ورغبات الآخر.
ب- الحوار "السلبي":
التواصل اللفظي الخاطئ " الحوار السلبي " يعد مصدراً للمشاكل الأسرية، فهذا النوع من الحوار يسبب قدراً كبيراً من الإحباط لدى أفراد الأسرة، فتتضح على ملامحها الحياة الغير سعيدة وذلك لأنهم كثيراً ما يعقدون مشاكلهم ويزيدونها توتر عن طريق التواصل اللفظي الخاطئ؛ حيث يكون التعبير غير واضح وغير كامل مشحون بالتصيد على كلمات الطرف الآخر، ويكون ذلك بالطرق التالية:
1. الحوار التعجيزي: وفيه لا يرى أحد طرفي الحوار أو كلاهما إلا السلبيات والأخطاء والعقبات وينتهي الحوار إلى أنه "لا فائدة".
2. حوار المناورة (الكر والفر): حيث ينشغل الزوجان (أو أحدهما) بالتفوق اللفظي في المناقشة بصرف النظر عن الثمرة الحقيقية والنهائية لتلك المناقشة وهو نوع من إثبات الذات بشكل سطحي.
3. الحوار المبطن: وهنا يعطي ظاهر الكلام معنى غير ما يعطيه باطنه وذلك لكثرة ما يحتوي من التورية والألفاظ المبهمة، وهو يهدف إلى إرباك الطرف الآخر.
4. الحوار التسلطي (اسمع واستجب): هذا الحوار هو نوع شديد من العدوان حيث يلغي طرف كيان الطرف الآخر ويعتبره أدنى من أن يحاور، بل عليه فقط الاستماع للأوامر الفوقية والاستجابة دون مناقشة أو تضجر.
5. الحوار المغلق: كثير ما تتكرر تلك العبارة فيه (لا داعي للحوار فلن نتفق وهو نوع من التعصب والتطرف الفكري وانحسار مجال الرؤية.
6. الحوار العدواني السلبي: وهو اللجوء إلى الصمت والعناد والتجاهل رغبة في مكايدة الطرف الآخر بشكل سلبي دون التعرض لخطر المواجهة