عندما نسمع نشيدا أو قراءة أو لحنا ونسأل عنه يقولون لنا هذا من مقام كذا مثلا: مقام الراست أو مقام السيكاه أو مقام الحجاز. وعندما نسأل كم مقام موسيقي لدينا يأتي الجواب بصيغة مختلفة فمنهم من يجيب أن المقامات جمعت في قولك “صنع بسحر” وهؤلاء أبناء الشام والدول المجاورة او “بحمر دسج” وهولاء من الجزيرة العربية ولعل هناك غير ذلك. وعند تفكيكنا لهذه الصيغ مبتدأين ب “صنع بسحر” فحرف الصاد هو الحرف الأول من مقام: “صبا” – وحرف النون “نهاوند” وحرف العين “عجم” وحرف الباء “بياتي” وحرف السين “سيكاه” وحرف الحاء “حجاز” وحرف الراء “راست”. أما قول “بحمر دسج” فحرف الباء هو الحرف الأول لمقام “بياتي” و حرف الحاء “حجاز” وحرف الميم “ماية” وحرف الراء “ركبي وفي رواية راست” وحرف الدال “دوكاه” وحرف السين “سيكاه” وحرف الجيم “جهاركاه”. دعونا نبين ما هي المقامات وتكوينها وأنواعها وأعدادها. ما هو المقام الموسيقي:
المقام الموسيقي عبارة عن ثمانية نغمات صوتية متتالية لكل نغمة ذبذبة أساسية تختلف عن الأخرى. والمقام محصور بين نغمتين الأولى ويطلق عليها نغمة الركوز (قرار المقام) والنغمة الثامنة وهي (الجواب). ويفصل بين كل نغمة والأخرى مسافة أو بعد وهذه غاية في الأهمية وهي التي تحدد نوع المقام, (وقد بينت في مقال االسلم الموسيقي العربي من منظور علمي تعريف البعد الموسيقي بشكل مفصل). وعادة ما تحسب الأبعاد بين الأنغام بالنسب الرياضية مثل (3/4) او (4/4) ولكن حساب البعد بالوحدة الصوتية “الكوما” أكثر دقة حيث يقسم سلم المقام الموسيقي العربي الى 53 كوما والكوما تساوي تسع البعد ألطنيني وفي نفس الوقت تساوي (22.6415) سنت. لكل مقام ترتيب خاص به من حيث أنغامه والأبعاد التي بينها وطريقة الأداء صعودا وهبوطا ويتكون المقام من جذع وفرع ويقصد بالجذع: الجنس الذي يبدأ به المقام صعودا ويتكون من الأربعة أنغام الأولى المحصورة بين ثلاثة أبعاد والفرع: هو الجنس المكمل للمقام عند الصعود وهي الثلاثة أنغام التالية وتقفل بالجواب “النغمة الثامنة”. و في حالات يتكون الجذع من ثلاثة انغام كمقام السيكاه مثلا. لنأخذ مثال توضيحي وليكن مقام الراست فجذعه يبدأ من نغمة “دو” وهي مستقر المقام ثم تأتي بعده مباشرة نغمة “رى” والبعد بينهما “بعد طنيني” ويساوي 9 كومات ثم تأتي نغمة “مي” ويكون البعد 7 كومات بينها وبين الرى ثم نغمة “فا” والبعد يساوي 6 كومات – ثم يأتي فرع المقام ويبدأ من نغمة “صول” والبعد بينهما 9 كومات ثم نغمة “لا” والبعد يساوى 9 كومات ثم نغمة “سي” والبعد يساوي 7 كومات ثم نصل إلى نغمة الجواب والبعد بينها وبين النغمة “دو” 6 كومات وهنا يكتمل مقام الراست بجنسيه راست على نغمة الدو والجنس التالي راست على نغمة الصول ومجموع كوماته 53. إن الألحان الموسيقية العربية تبنى على أساس ” المقامات” وهذه ميزه الموسيقى الشرقية وتشمل الموسيقى الفارسية والتركية والكردية والهندية وبعض دول أسيا الوسطى وما جاورها والتي يتكون سلالمها الموسيقية من “النغمات الدقيقة” أي التي يكون فيها النغمة مقسمة إلى أجزاء صغيرة كربع النغمة أو اقل. وللمقام سمات منها على سبيل المثال: “مستقر المقام” وهي النغمة التي تعرفنا بشخصية المقام و”حساس المقام ويسمى الغماز” و هي النغمة الخامسة في سلم المقام كنغمة “صول” في مقام الراست انف الذكر وتدل على عمق وروح المقام, ما عدا قليل من المقامات مثل مقام الصبا فغمازه النغمة الرابعة.
المقامات الموسيقية وعددها:
ما يربك بل ويشوش طلبة العلم الموسيقي كثرة أسماء المقامات وفروعها وكونها ليست عربية المفردة. وهذا صحيح. فلقد أثرت وتأثرت الموسيقى العربية بالموسيقى الفارسية والتركية وبمسميات الأنغام والمقامات “وذكرنا ذلك في مقال سابق”. لا يسع المقام لاستعراض كافة أسماء المقامات وفروعها وما يقابل كل اسم في اللغة العربية. وللعلم فهناك اختلاف على العدد الكلي للمقامات الموسيقية العربية فمنهم من اعتبر أن عدد المقامات الأساسية يساوي 24 مقاما ويستخرج منها 336 سلم مشتق وفرعي فيصبح العدد الكلي 360 مقام ومنهم من استخلص ان عدد المقامات الرئيسية يساوي 14 سلما والفرعية عددها 182 مقام وغير ذلك. وهنا تبدو أمامنا إشكالية ونرى أحد الأسباب وراء ذلك يرجع لعدم الاهتمام تاريخيا بالتدوين الموسيقي عند العرب لان التدوين مؤسس على قاعدة علمية وتكتب بالنوتة وتبين أن سلم المقام الأساسي ينتج منه سبع سلالم مقاميه حسب دائرة الرابعات وأيضا سبع سلالم حسب دائرة الخامسات. ومع هذا الكم الكبير من المقامات إلا أن المستخدم منها في مصر وسوريا لا يكاد يتعدى 32 مقاما وفي الجزيرة العربية والخليج 16 وفي المغرب العربي 18 مقاما تقريبا وفي العراق 37 مقاما. ختاما اذكر لكم من المقامات الاساسية أربعة عشر :(مقام الراست – مقام النهاوند – مقام العجم – مقام ألبياتي – مقام الحجاز – مقام السيكاه – مقام الهزام – مقام الكرد – مقام العراق – مقام المستعار – مقام نواثر – مقام الصبا – مقام صبا كرد – مقام اثر كرد.)